يمثل الأردن الدولة المضيفة لأكبر عدد من اللاجئين الفلسطينيين في العالم، حيث يعود تاريخ وجودهم إلى نكبة 1948 ونكسة 1967. إن الوضع القانوني لـ اللاجئين الفلسطينيين في الأردن معقد ومتشابك، خاصة لأولئك الذين لم يحصلوا على الجنسية الأردنية أو الذين وصلوا حديثًا من مناطق صراع أخرى كـ لاجئي فلسطين من سوريا. الإجراءات المتبعة لـ طلب اللجوء الإنساني في الأردن من قبل الفلسطينيين، مع تسليط الضوء على دور المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) ووكالة الأونروا (UNRWA).
1. الخلفية القانونية والتاريخية لوضع اللاجئين الفلسطينيين في الأردن
1.1. الوضع القانوني الخاص (لاجئي 1948 و 1967)
يتمتع غالبية اللاجئين الفلسطينيين الذين وصلوا إلى الأردن بعد حرب 1948 و1967 بوضع قانوني فريد. فوفقًا لـ الموقف الأردني الرسمي، تم منح الجنسية الأردنية لمعظم اللاجئين الفلسطينيين باستثناء فئة محددة، وهم النازحون الفلسطينيون من قطاع غزة الذين وصلوا بعد عام 1967.
اللاجئون من أصل الضفة الغربية (قبل 1967): مُنحوا الجنسية الأردنية ولديهم حقوق المواطنة الكاملة، ويشكلون نسبة كبيرة من السكان (تقديرات تشير إلى أنهم قد يشكلون حوالي 40% إلى 60% من السكان، على الرغم من عدم وجود إحصاء رسمي دقيق).
لاجئو غزة (الـ "جوازات المؤقتة"): يحملون بطاقات خضراء وجوازات سفر أردنية مؤقتة لا تمنحهم الجنسية ولا الحقوق الكاملة للمواطنة، ويعانون من قيود في سوق العمل والتعليم.
1.2. دور الأونروا في رعاية اللاجئين الفلسطينيين
بما أن الأردن ليس طرفاً في اتفاقية اللاجئين لعام 1951، فإن معالجة شؤون اللاجئين الفلسطينيين تقع في المقام الأول تحت رعاية الأونروا.
الكلمات المفتاحية: الأونروا، لاجئون فلسطينيون، الجنسية الأردنية، جواز مؤقت، الوضع القانوني، حقوق المواطنة.
2. إجراءات طلب اللجوء الإنساني للفلسطينيين عبر المفوضية السامية
يختلف مسار اللجوء الإنساني في الأردن بالنسبة للفلسطينيين الذين لا تنطبق عليهم فئة المواطنة الأردنية (مثل لاجئي غزة، أو الفلسطينيين القادمين من دول ثالثة كـ فلسطينيي سوريا). في هذه الحالات، يتم التعامل مع طلباتهم من خلال المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR).
2.1. التسجيل الأولي لدى المفوضية السامية
يتعين على طالب اللجوء الذي يرى حياته في خطر في بلده الأصلي أو بلد الإقامة السابق، ويسعى للحماية في الأردن، الاتصال بـ مكتب المفوضية في عمان.
الاتصال الأولي: يجب التواصل مع خط المساعدة التابع للمفوضية أو وسائل الاتصال المتاحة (هاتف، رسالة نصية، بريد إلكتروني) لتحديد موعد.
تقديم البيانات: يتم أخذ البيانات الشخصية وتفاصيل أفراد الأسرة وسبب طلب اللجوء. يجب تقديم الوثائق الشخصية المتاحة (جواز سفر، هوية، وثيقة سفر فلسطينية).
الاستماع الأولي: يتم تحديد ما إذا كان الشخص مشمولاً بولاية المفوضية أو بولاية الأونروا (بموجب المادة 1D من اتفاقية 1951). لاجئو فلسطين من سوريا غالباً ما يتم تسجيلهم لدى الأونروا، لكن وضعهم القانوني والإنساني يتطلب تنسيقاً مع المفوضية.
2.2. مقابلة تحديد صفة اللاجئ (RSD)
هذه هي المرحلة الأهم في عملية اللجوء.
التحقيق والتدقيق: تقوم المفوضية بإجراء مقابلات مفصلة مع طالب اللجوء للتحقق من قصة الخطر وسبب الفرار، وإثبات أن هناك تهديدًا حقيقيًا على الحياة أو الحرية أو التعرض للاضطهاد.
قرار اللجنة: يتم دراسة الملف من قبل لجنة مختصة في المفوضية لاتخاذ قرار بـ منح صفة لاجئ أو رفض الطلب.
وثيقة طالب اللجوء: في حال قبول الطلب مبدئياً، تُمنح وثيقة تُفيد بـ التسجيل لدى المفوضية، والتي توفر حماية من الإعادة القسرية (عدم الإعادة القسرية).
الكلمات المفتاحية: طلب اللجوء، المفوضية السامية، تحديد صفة اللاجئ (RSD)، حماية دولية، عدم الإعادة القسرية، لاجئو فلسطين من سوريا، خط المساعدة.
3. التحديات الخاصة التي يواجهها الفلسطينيون طالبو اللجوء في الأردن
على الرغم من الدور الإنساني للأردن، فإن إجراءات اللجوء للفلسطينيين تواجه تحديات استثنائية نظرًا لحساسية القضية الفلسطينية والموقف الأردني الثابت تجاه حق العودة.
3.1. سياسة "عدم الاستقبال" الحدودية
تاريخياً، واجه الفلسطينيون القادمون من مناطق صراع أخرى (خاصة من سوريا) صعوبات بالغة في دخول الأراضي الأردنية. تضمنت السياسات الأردنية، في أوقات سابقة، رفض استقبال الفلسطينيين الفارين من سوريا أو ترحيلهم إليها، مما يشكل انتهاكاً لمبدأ عدم الإعادة القسرية. الضغوط الدولية وجهود الأونروا ساهمت في تخفيف هذه القيود جزئياً.
إحصائية هامة: تُقدر الأونروا عدد اللاجئين الفلسطينيين القادمين من سوريا في الأردن بنحو 21 ألف لاجئ، يعيشون في ظروف معيشية صعبة وقانونية غير مستقرة.
3.2. قيود الإقامة والحصول على العمل
حتى بعد التسجيل لدى المفوضية أو الأونروا، يظل الوضع القانوني والإقامة تحدياً.
تصاريح الإقامة: الحصول على تصاريح إقامة قانونية وعمل يظل صعبًا ومقيدًا لغير حاملي الجنسية الأردنية، مما يدفع الكثيرين إلى العمل غير الرسمي (السوق السوداء) والفقر المدقع.
الحماية البديلة: في حال عدم حصولهم على الحماية من الأونروا أو المفوضية، يفتقر هؤلاء اللاجئون إلى الحماية القانونية الوطنية والدولية الكافية.
3.3. محدودية فرص إعادة التوطين
حل التوطين: يعتبر التوطين في دولة ثالثة أحد الحلول الدائمة التي تسعى إليها المفوضية، ولكنها تعتمد على قبول دولة التوطين. ونظرًا لوجود الفلسطينيين في الأردن (التي تعتبر "دولة مضيفة آمنة" لهم بالنسبة لبعض الدول)، فإن ملفاتهم قد تواجه تحديات أكبر في القبول مقارنة بلاجئين من جنسيات أخرى لا يملكون أي شكل من أشكال الحماية أو الانتماء القانوني لدولة مضيفة.
الكلمات المفتاحية: قيود العمل، إقامة قانونية، لاجئو فلسطين من سوريا، إعادة التوطين، السوق السوداء، تحديات قانونية.
4. الخدمات والدعم الإنساني للاجئين الفلسطينيين في الأردن
يتم تقديم الخدمات الأساسية للاجئين الفلسطينيين في الأردن بشكل رئيسي من خلال الأونروا، وهي نقطة قوة في الاستجابة الإنسانية.
4.1. خدمات الأونروا الشاملة
تقدم الأونروا خدماتها في 10 مخيمات رسمية للاجئين الفلسطينيين في الأردن، بالإضافة إلى المجتمعات الحضرية.
التعليم والصحة: تشغل الأونروا مدارسها ومراكزها الصحية، حيث سجل ما يقرب من 122,194 طالب وطالبة في مدارس الأونروا، وتم تسجيل 1.4 مليون زيارة مرضى سنوياً للمراكز الصحية (إحصائيات 2020 تقريبية).
الإغاثة والأمن الاجتماعي: تقدم الأونروا برامج الإغاثة الطارئة وبرنامج شبكة الأمان الاجتماعي، يستفيد منه عشرات الآلاف من الأسر الأكثر فقراً.
4.2. الإحصائيات العامة لوجود اللاجئين
تشير الإحصائيات الرسمية لوكالة الأونروا إلى أن عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين في الأردن يقترب من 2.4 مليون لاجئ (إحصائيات 2020/2021). هذا العدد يمثل أكبر تجمّع للاجئين الفلسطينيين في منطقة عمليات الأونروا الخمس.
5. المستقبل والحلول المستدامة لوضع اللاجئين الفلسطينيين
إن حل قضية اللجوء الإنساني للفلسطينيين في الأردن مرتبط بشكل لا ينفصل بالحل السياسي للقضية الفلسطينية وحق العودة، وهو ما يشدد عليه الأردن كـ موقف وطني ثابت.
الدعم الدولي: يظل الأردن بحاجة إلى دعم دولي مستدام وكافٍ لمواصلة تحمل أعباء استضافة هذه الأعداد الضخمة من اللاجئين، وخصوصاً الدعم المالي لوكالة الأونروا.
حماية الفئات الهشة: يجب إيجاد آليات بالتنسيق بين الحكومة الأردنية والمفوضية والأونروا لـ تأمين وضع قانوني أفضل للفئات الأكثر ضعفاً، مثل لاجئي فلسطين القادمين من سوريا وقطاع غزة، بما يضمن حقوقهم الأساسية والالتزام بمبدأ عدم التمييز في الخدمات.
أسئلة وأجوبة متكررة (FAQ)
س 1: هل يمكن للاجئ فلسطيني حامل للجنسية الأردنية أن يطلب اللجوء الإنساني في الأردن؟
ج: لا يمكن لحامل الجنسية الأردنية أن يطلب اللجوء الإنساني في الأردن لأن الأردن يعتبر "دولة جنسيته". لا تنطبق ولاية المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR) على مواطني الدولة، واللجوء يُطلب عادة من مواطن دولة أخرى أو شخص عديم الجنسية.
س 2: ما هو الفرق بين دور الأونروا والمفوضية السامية (UNHCR) في الأردن تجاه الفلسطينيين؟
ج: الأونروا (UNRWA): تأسست خصيصاً لرعاية وخدمة اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عملياتها الخمس (بما في ذلك الأردن). هي تقدم الخدمات الأساسية (التعليم، الصحة، الإغاثة). المفوضية السامية (UNHCR): تُعنى بتوفير الحماية الدولية لجميع اللاجئين حول العالم. لا تنطبق ولايتها على معظم اللاجئين الفلسطينيين بسبب ولاية الأونروا، لكنها تتعامل مع فئات خاصة مثل الفلسطينيين القادمين من دول أخرى (مثل سوريا) أو الفلسطينيين غير المسجلين لدى الأونروا.
س 3: هل تُمنح وثيقة "طالب اللجوء" للفلسطينيين في الأردن تلقائيًا؟
ج: لا، لا تُمنح تلقائيًا. تُمنح وثيقة "طالب اللجوء" أو "وثيقة التسجيل" من المفوضية بعد عملية التسجيل الأولي وتحديد ما إذا كان الشخص مشمولًا بولايتها ولديه سبب مقنع للخوف من العودة، وهو ما يتطلب تقييماً دقيقاً لحالة الخطر الشخصي.
س 4: ما هي التحديات التي يواجهها لاجئو فلسطين القادمون من سوريا في الأردن؟
ج: يواجهون تحديات كبيرة تشمل: وضع قانوني غير مستقر، صعوبة بالغة في الحصول على تصاريح عمل أو إقامة نظامية، وفقر مدقع، إضافة إلى مخاطر الترحيل القسري في الماضي، على الرغم من المطالبات الدولية بـ مبدأ عدم الإعادة القسرية.
س 5: هل الأردن ملزم باتفاقية اللاجئين لعام 1951؟
ج: لا، الأردن ليس طرفًا في اتفاقية اللاجئين لعام 1951 أو بروتوكولها لعام 1967. ومع ذلك، يلتزم الأردن بمبدأ عدم الإعادة القسرية (Non-refoulement) كجزء من القانون الدولي العرفي، ويتم التعامل مع اللاجئين الآخرين غير الفلسطينيين بشكل رئيسي من خلال مذكرة تفاهم مع المفوضية السامية.